سبتمبر 19, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

كيف أصبحت مدينة بازل السويسرية مهد أبحاث عقاقير الهلوسة؟

عندما نتحدث عن أشهر الرحلات بالدراجات، قد تقفز إلى ذهنك صورة الدراجين المحترفين المشاركين في سباق فرنسا للدراجات. لكن ثمة رحلة أخرى أقصر نسبيا بالدراجة يحتفي بها الناس حول العالم قطعها رجل يرتدي بدلة رسمية في إحدى أمسيات شهر أبريل/نيسان من عام 1943، من عمله إلى منزله عبر شوارع مدينة بازل القديمة. ومهدت هذه الرحلة لظهور إبداعات فنية استلهمها فنانون من تجارب تعاطي عقاقير الهلوسة.

هذا الرجل هو ألبرت هومان، الباحث في علم الصيدلة. وفي هذا اليوم، كان هوفمان، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 37 عاما، قد حصل للتو على جرعة من مادة جديدة عرفت في معمله باسم ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك- 25، وتشتهر الآن باسم “إل إس دي”.

وعلى غرار الملاحظات العلمية، وصف هوفمان رحلته، تحت تأثير المخدر، بدقة بالغة قد تتعارض مع التأثير القوي للعقار على الدماغ. وذكر هوفمان في كتابه “إل إس دي، طفلي المشاغب”: “تدفقت أمامي صور مدهشة متعددة الألوان والأشكال، كانت تتداخل وتتغير وتتخذ أشكالا حلزونية ودائرية تنفتح تارة وتنغلق تارة، وتتحول إلى ينابيع من الألوان، تعيد ترتيب نفسها وتنبثق منها ألوان هجينة دون انقطاع”.

ويضيف: “كانت المدركات السمعية، كصوت مقبض الباب أو السيارة، تتحول إلى مدركات بصرية. فكل صوت كان يولد صورة متغيرة مفعمة بالتفاصيل، لها شكلها ولونها الخاص”.

ربما قد يكون من المستغرب أن تكون مدينة سويسرية قديمة هي مهد الإبداعات الفنية المستوحاة من تغير الوعي تحت تأثير عقاقير الهلوسة. فقد ارتبطت سويسرا في الأذهان بالسرية المصرفية ودقة مواعيد القطارات.

وفي فيلم “الرجل الثالث”، ذكر هاري لايم، الذي جسد شخصيته أورسون ويلز، في عام 1949: “السويسريون يشيع بينهم الحب الأخوي، وينعمون بالديمقراطية والسلام منذ 500 عام، فماذا عن المحصلة؟ ساعة الوقواق”.

ورغم أن الطراز المعماري لعصر النهضة والعصور الوسطى يضفي على مدينة بازل المظهر الخارجي للبلدات الأوروبية الرائعة الأخرى، إلا أن هذه المدينة تنفرد بطابع مميز. إذ تأسست المدينة منذ 2000 عام على ضفاف نهر الراين، عند نقطة التقاء سويسرا مع الحدود الفرنسية والألمانية، وساهم النهر في ربط المدينة بسائر المراكز العلمية الأوروبية.

ولهذا تحتضن المدينة أقدم جامعة في سويسرا، تأسست عام 1460، وأقيم بجوارها بعد قرنين أقدم معرض فني عام في العالم يطلق عليه الآن اسم “كانتس ميوزيام”. وراجت في بازل أبحاث ومصانع الكيماويات بعد وصول صباغو الأقمشة الحريرية في عصر الإصلاح.

والآن، أصبح نصيب الفرد من المتاحف في بازل أعلى من نصيب أقرانه في أي مدينة أوروبية أخرى. ويقول جوزيف هلفنشتاين، مدير المتحف: “يمثل التعليم والأبحاث والثقافة جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع في بازل”.

وتقول إيزيدورا رودلف، رئيسة مكتب السياح في بازل: “إن موقع المدينة على الحدود مع ألمانيا وفرنسا، أكسبها طابعا خاصا منفتحا ومتساهلا. إذ يتميز أهلها بمرونتهم وهدوئهم، وقد تجد الجميع في فصل الصيف، من مديري البنوك إلى الطلاب، يقفزون في نهر الراين ويستمتعون بالحياة”.

YouTube
YouTube