تقلصت الدائرة الضيقة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السنتين الأخيرتين إلى مجموعة قليلة جدا تحظى بثقته وتشاركه رؤيته للعالم، وفقا لتقرير بصحيفة “لاكروا” الفرنسية.
الصحيفة قالت في تقرير لكاتبيها أوليفييه تاليس وبنيامين كوينيل إن بوتين منذ بداية الأزمة في أوكرانيا حرص على الظهور بمظهر القائد الأوحد لسفينة بلاده، لكنه بالفعل يستشير قبل اتخاذ قراراته حفنة من صقور إدارته وبعضا من ذوي الرتب العليا في الجيش.
وأوردت لاكروا في بداية تقريرها قصة الاجتماع الخاص جدا لمجلس الأمن الروسي الذي دعا له بوتين في 21 فبراير/شباط الماضي وحضره كبار الشخصيات في النظام، وسمح، وهو أمر نادر، بتصويره لبثه لاحقا عبر التلفزيون.
وذكرت أن جدول الأعمال اقتصر على نقطة واحدة: “هل ينبغي أم لا ينبغي لنا الاعتراف باستقلال الأراضي الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك، في شرق أوكرانيا؟
ولفتت لاكروا هنا إلى أن رئيس الكرملين كان هو من يوزع الكلام على الحاضرين، ولم يسلم بعض من وزرائه ورؤساء أجهزته الأمنية من الإهانات، الأمر الذي أحرج مرؤوسيه وجعلهم يفتشون عن كلمات من المرجح أن ترضي سيد الكرملين، لتتجلى في ذلك سلطوية بوتين في أبهى صورها، حسب لاكروا.
وذكرت الصحيفة أن من ضمن من حضروا ذلك الاجتماع من هم على علم “بالعملية الخاصة” في أوكرانيا، حسب المصطلحات المستخدمة في موسكو، التي كان التحضير لها على قدم وساق وفي أقصى درجات السرية.
وأشارت إلى أن هؤلاء لم يكن عددهم يتجاوز عدد أصابع اليد وهم ذوو رتب عسكرية عالية وينتمون إلى فئة ما يعرف باسم “سيلوفيكس” (silovikis)، أي إنهم أعضاء من وكالات إنفاذ القانون والأمن؛ المصفوفة الحقيقية للنظام السياسي الروسي.
أورد التقرير أسماء عدد ممن وصفهم بالدائرة الضيقة لبوتين:
أولا: باتروشيف في قلب آلة النظام
بعد 22 عامًا في السلطة، من الذي ما زال أكثر من يثق به بوتين؟ إنه سكرتير مجلس الأمن نيكولاي باتروشيف، فهو من يستشيره الرئيس في القضايا الحساسة، ويراه مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، حسب لاكروا.
وتستعرض الصحيفة العديد من النقاط التي تقول إن الرجلين يشتركان فيها، فهما قريبان في العمر، باتروشيف (70 عاما) وبوتين (69 عاما)، وكلاهما عميل سابق في المخابرات السوفياتية “الكي جي بي” (KGB) وكلاهما ينحدر من مدينة سانت بطرسبورغ، كما أن لديهما الموقف نفسه من الولايات المتحدة الأميركية، وعندما غادر فلاديمير بوتين إدارة الاستخبارات الروسية (FSB) (وريثة الـKGB) في عام 1999 عيّن نيكولاي باتروشيف خلفًا له.
وتنقل الصحيفة عن الصحفي أليكسي فينيديكتوف قوله إن باتروشيف هو من كان يصوغ لبوتين خياراته قبل بضع سنوات، و”كان بإمكانه تحدي خيارات الرئيس ومناقشتها، لكن ذلك لم يعد ممكنًا”.
ثانيا: شويغو.. الخادم المتحمس
ويلعب وزير الدفاع سيرغي شويغو دور “الخادم المتحمس”، حسب وصف لاكروا، وقد وُلد قبل 66 عامًا في منطقة توفا (سيبيريا)، ولم يكن الرجل بعيدًا جدًّا عن رئيسه الذي يذهب معه للصيد والتخييم في منطقته الأصلية.
وشويغو، وفقا للصحيفة، هو من أشرف على التخطيط للعمليات العسكرية في شبه جزيرة القرم وسوريا واليوم في أوكرانيا، كما أنه يسيطر على المخابرات العسكرية، لكن “إذا كان في السابق يتمتع بثقة بوتين، فيبدو أنه فقد بعض المصداقية منذ اندلاع الصراع”، كما تعتقد تاتيانا جان الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية.
وتضيف الصحيفة أن شويغو قبل كل شيء منفذ للأوامر، وهو دور يتقاسمه مع متخصصين حقيقيين في الجيش مثل رئيس الأركان جيراسيموف الذي يعدّ منظر الحرب الهجينة، وكذلك مع رؤساء الأجهزة الأمنية الذين يتشاور معهم بوتين بانتظام.
وترجع الصحيفة سبب تقلص عدد أعضاء الدائرة الضيقة لبوتين إلى قراره عدم مقابلة أي شخص يودّ رؤيته على انفراد ما لم يفرض على نفسه حجرا صحيا لمدة أسبوعين، الأمر الذي حدّ حفلات الشواء التي كان ينظمها مع أصدقائه القدامى من الأوليغارشية.
وحتى إيغور سيتشين، الرئيس القوي لشركة النفط العملاقة “روسنفت”، أصبح يكتفي باجتماعات متباعدة مع بوتين.
أما وزراء الحكومة، فإنهم يتواصلون مع الرئيس عبر الفيديو أو يجلسون على بعد 10 أمتار منه، وهو ما يعلق عليه المحلل السياسي الروسي المستقل إيفان بريوبراجينسكي بالقول “بوتين معزول عن الواقع .. وما يتلقاه من معلومات يأتيه من عناصر الاستخبارات الخاصة، فهو لا يستخدم الإنترنت بنفسه، ويقتصر على متابعة دعايته الخاصة عبر التلفاز”.
ثالثا: إمبراطور إعلام
أثناء الوباء، تقول لاكروا إن رجلا واحدا كان يخترق الطوق الصحي المحيط ببوتين؛ إنه يوري كوفالتشوك. فإمبراطور الإعلام، كما تصفه الصحيفة، هو من يسيطر على ربع القناة العامة الأولى (Pervyï Kanal) كما أن هذا الملياردير هو من رافق الرئيس إلى مقر إقامته في فالداي، حيث أقام في ربيع عام 2020 وصيفه.
و كوفالتشوك كذلك ينحدر من مدينة سانت بطرسبورغ من عائلة مؤرخين، وهو دكتور في الفيزياء، كما أنه سبعيني ولديه حنين إلى الماضي الإمبراطوري لروسيا العظمى والعالم الأرثوذكسي، يتشاطره مع رئيس الدولة الذي كان يعرفه في التسعينيات.
إنه شخص مؤثر، وفقًا للصحفي الروسي أليكسي فينيديكتوف الذي يقول عنه “كان كوفالتشوك هو من شكل على مدى سنوات نظرة بوتين للعالم.. وهو متفق مع بوتين في حربه على أوكرانيا كحال آخرين بمن فيهم وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي يؤيدها بشدة”.
رابعا: رئيس سابق
يوصف ديمتري ميدفيديف الرئيس ورئيس الوزراء الروسي السابق بأنه معتدل، وظل ذلك الانطباع الفريد لدى كثيرين مدة طويلة، وفقا للاكروا.
لكن منذ اندلاع الصراع في أوكرانيا، كان ميدفيديف أول من أيّد الخطاب العسكري للكرملين، بل ذهب أبعد من ذلك مطالبا بإعادة عقوبة الإعدام في روسيا.
ويبدو أن هذا الرجل، الذي هو أيضا نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، حصل على مكانة لدى الكرملين مرة أخرى.
وتنقل الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية في مركز كارنيجي للأبحاث أندريه كوليسنيكوف قوله “لقد احتفظ ميدفيديف بقليل من التأثير لكن ليس إلى درجة التأثير على القرارات التي تتخذ هناك”أما بقية النخبة الروسية، فتقول لاكروا إن “العملية العسكرية” في أوكرانيا كانت مفاجئة لها، بل ربما حتى سببت لها بعض الانزعاج
نحن معكم على مدار الوقت
تقرير إيراني عن سبب سرعة انهيار الدولة السورية
مدن الأقليات” تثير خلافات غير معلنة بين الارهابي الجولاني وارهابيين من 6 جنسيات اجنبية بسوريا
سوريا – لبنان – فلسطين