مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الأسبوع الأخير من فبراير/شباط 2022، وبدء الاجتياح الروسي الشامل لأوكرانيا، تصدَّرت المخاوف الاقتصادية المشهد العالمي، خصوصا بعد فرض حزمة عقوبات اقتصادية ضخمة على روسيا أثَّرت سلبيا على الاقتصادات العالمية.
ورغم أن حركة تأسيس الشركات والاستثمارات المرتبطة بها عادة ما تكون من أوائل القطاعات المُتضرِّرة من نشوب حروب واسعة النطاق كتلك التي تدور حاليا بين روسيا وأوكرانيا، وقد تستقطب أطرافا أخرى في أي وقت، فإن التاريخ يذكر لنا العديد من النماذج لشركات عملاقة نعرفها جميعا اليوم وُلدت تحت قصف الطائرات وبين أصوات الرصاص.
لم يرث الأخوان الألمانيان “أدولف” و”رودولف” من والدهما “دايسلر” صانع الأحذية مصنعه الصغير في بلدة “هرتسوغن آوراخ” في جنوب ألمانيا فقط، بل ورثا أيضا مهارته وإبداعه في تصميم الأحذية الرياضية المتلائمة مع متطلبات الرياضيين في مطلع القرن العشرين. بعد رحيل الوالد، تعاون الشقيقان -في عشرينيات القرن العشرين- لتوسيع نشاط المصنع الذي سمَّياه “مصنع الأخوين دايسلر”، وبدأ في تحقيق نجاحات ملحوظة.
كانت اللحظة الأهم بالنسبة للأخوين دايسلر هي دورة الألعاب الأولمبية التي عُقدت في برلين عام 1936 تحت فترة الحكم النازي. في تلك الفترة، عمل الأخوان على إنتاج أفضل أحذية رياضية وضعوا فيها كل خبراتهما، وسوَّقوها بين العدَّائين الرياضيين، حتى فاز العدَّاء الأميركي جيسي أوينز بالميدالية الذهبية وهو يرتدي حذاء من صُنع الأخوين دايسلر. هذا الفوز ساعد الشركة في استقبال عدد ضخم من الطلبات، وساهم في تعزيز العلامة التجارية للشركة على نطاق واسع في أوروبا.
لاحقا، بدأت بوادر خلاف حاد تدبّ بين الشقيقين، وقرَّرا تقسيم المصنع بينهما وإنهاء الشراكة. لكن كل شيء توقَّف عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية عام 1939، ليتوقَّف نشاط المصنع تماما مع انهيار البنية التحتية الألمانية على مدار سنوات الحرب الست، التي انتهت بزحف الحلفاء إلى ألمانيا عام 1945. في ذلك الوقت، وتحت وطأة قصف الطائرات العنيف للمدن الألمانية، سجَّل التاريخ واحدا من أغرب المواقف الذي كان بداية لعملاقين كبيرين في عالم المال والأعمال.
كان أدولف وزوجته يحتميان بأحد المخابئ من قصف الطائرات، بينما توجَّه رودولف وزوجته إلى المخبأ نفسه، ويقال إنه كان ينوي الاعتذار لأخيه عن سنوات الخلاف باعتبار أنها قد تكون لحظاتهم الأخيرة معا. لكن أدولف صرخ، في اللحظة التي دلف فيها رودولف وزوجته إلى المخبأ، قائلا: “ها قد عاد الأوغاد الأقذار من جديد”. كان أدولف يقصد غارة جديدة يقوم بها الحلفاء فوق رؤوسهم، بينما اعتبرها رودولف إهانة مقصودة وُجِّهت إليه وزوجته، وقرَّر ألا يتصالح مع أخيه، للأبد هذه المرة.
بعد انتهاء الحرب، استأنف الأخوان إجراءات إنهاء شراكتهما في مصنع والدهما دايسلر، ثم ذهب كلٌّ منهما لتأسيس مصنعه الخاص لصناعة الأحذية الرياضية. أسَّس “رودولف” شركته الخاصة للأحذية، التي سمَّاها في البداية “رودا”، ثم حوَّل اسمها إلى “بوما” (Puma)، بينما أسَّس أدولف شركته الخاصة هو الآخر، وسمَّاها “أديداس” (Adidas).
نحن معكم على مدار الوقت
سوريا – لبنان – فلسطين
عشرات القتلى من “ماجلان” في معارك مع حزب الله
جماهير باناثنايكوس اليوناني تفاجئ “مكابي” الإسرائيلي بأعلام فلسطين