نوفمبر 23, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

أهمية زيارة الرئيس بوتين إلى إيران

نشرت الصحفية، يوليا يوزيك، على تطبيق “تليغرام” مقالا يوضح رؤيتها لزيارة بوتين الأخيرة إلى طهران.

وجاء في المقال:

يبدو أن زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى إيران، الأكثر أهمية على مدار فترة حكمه قاطبة، قد أتت ثمارها. لكن من السابق لأوانه أن نفرح.

في هذه الزيارة لبوتين كان هناك قليل من بروتوكولات الاستقبال الرسمية: فبعد تحية قصيرة مع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ذهب الرئيس الروسي للقاء الحاكم الفعلي لإيران، المرشد الأعلى، آية الله خامنئي، حيث جرت المفاوضات خلف أبواب مغلقة.

والمرشد الأعلى كان قد أوقف مؤقتا المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة الأمريكية، انتظارا لوصول بوتين ليرى “العرض النهائي من روسيا”. وكان من المفترض أن تحمل حزمة المقترحات الروسية فوائد الصفقة مع الأمريكيين، وحتى اللحظة الأخيرة، لم يكن من الواضح ما يمكن أن يقدمه بوتين لخامنئي البراغماتي، كي ينتقل استراتيجيا إلى “الفلك الروسي”.

قبل الزيارة، وضع بوتين بعض الأوراق على الطاولة، فقد أطلق أخيرا الممر بين الشمال والجنوب، والذي يربط روسيا بالهند عبر إيران. والذي ظلت إيران تضغط من أجله منذ عهد أحمدي نجاد، إلى أن المشروع تم تجميده.

في 11 يوليو ظهرت أنباء بشأن شراء روسيا لطائرات مسيرة إيرانية، وفي 15 يوليو، وقع بوتين قانونا بشأن التجارة الحرة لإيران مع الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقيل إن روسيا ستستثمر 7 مليارات دولار في حقل أزاديغان الواقع على الحدود الإيرانية العراقية، ما يسمح لكل من إيران وروسيا أن يبيعا النفط على أنه “عراقي”، إلا أن كل ذلك، وعلى الرغم من أنه ليس سيئا، لم يكن ليتفوق على العرض الأمريكي.

لكن بوتين في طهران، قرر أن يرفع بجدية رهانه في ذلك الكازينو السياسي، فوقعت شركة “غازبروم” الروسية مع الشركة الوطنية الإيرانية للنفط NIOC مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار، تخطط بموجبها “غازبروم” للاستثمار في حقول الغاز في كيش وشمال بارس وجنوب بارس، وقد قاتلت “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية والصينيون بشدة من أجل الحقل الأخير. لكن حتى الصينيين بما أسموه “صفقة القرن” بقيمة ربع تريليون دولار لم يتمكنوا من إغراء الإيرانيين للحصول على جنوب بارس.

في الواقع، إذا كان من المقدر لهذه الخطط أن ترى النور، فيمكننا حينها الحديث عن إنشاء أقوى احتكار للغاز في العالم تحت سقف روسي. لذلك لم يكن من باب الصدفة إذن أن يضم هذا الاجتماع بين رؤساء روسيا وإيران وتركيا، والذي عقد تحت لافتة “مسار أستانا”، الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

فمن حيث الرواية الرسمية، جاء أردوغان لحل القضايا المتعلقة بسوريا وبالأكراد في شمال البلاد “حزب العمال الكردستاني”، وهي مشكلة تسبب له صداعا مزمنا خطيرا. إلا أن وراء “حزب العمال الكردستاني” يقف الحرس الثوري الإيراني مبتسما وملوحا بيديه، أو بالأحرى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بأفرعه وشبكاته بالوكالة، وكذلك موسكو. بمعنى أنه سيتعين على أردوغان التعامل مع كل من طهران وموسكو في هذا الملف. ترى هل يكون ذلك هو السبب وراء تجهمه وعبوسه طوال القمة؟

وليس أدل من اتفاق بوتين وخامنئي على أمر ما أكثر من دعم الزعيم الإيراني، بشكل غير مباشر، لتصرفات روسيا في أوكرانيا بقوله إنه “إذا لم تكن روسيا قد اتخذت زمام المبادرة، لكان الطرف الآخر قد بادر بشن الحرب”، وإعلانه من خلال جنرال عسكري عن “استعداده لتصدير السلاح”.

ثمن مثل هذا التحالف الاستثمارات والشراكات في النفط والغاز وسوريا والعراق وإمدادات الأسلحة (الذي لن يصح من دون وجود “إس-400” في فاتورة الصادرات، ذلك أن خامنئي لن يكون مستعدا للقيام بمثل هذه المخاطر الكبيرة ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بدون درع صاروخي نووي روسي).

دعونا أيضا ألا ننسى أن برنامج إيران النووي مستمر خارج الاتفاق، وهو ما يراه الزعيم الإيراني الوسيلة الوحيدة الممكنة للحفاظ على السيادة.

من الواضح أن خامنئي سيواصل المساومة مع الغرب، وستظل “النافذة الدبلوماسية” مفتوحة حتى آخر لحظة مهما حدث. أي أنه، وحتى نهاية العام تقريبا، سيرفع من أسهم المساومة مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى أقصى حد، ليرى ما إذا كان المخطط الروسي يعمل أم لا.

أما بوتين، فلديه تفويض مطلق بين يديه اليوم، وبإمكانه استخدامه، ألا وهو “النظام العالمي الجديد”، العنوان الرئيسي لصحيفة “مهر” الإيرانية اليوم. ففي ذلك، يُنظر إلى زيارة بوتين على وجه التحديد كسياق بديل لزيارة بايدن إلى الشرق الأوسط.

الرهانات كبيرة، والمخاطر جدية (حتى أن موسكو تراهن بكل شيء على قوة سياسية واحدة في إيران)، واللعبة كبيرة، إلا أنها لم تنته بعد.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

YouTube
YouTube