سبتمبر 19, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

بالتزامن مع اليوم العالمي لإلغائها.. “تذكرة حرية” وثيقة تحكي تاريخ تجارة الرقيق بمصر

القاهرة- قبل 184 عامًا وفي مثل هذا اليوم الرابع من ديسمبر/كانون الأول، أصدر حاكم مصر محمد علي باشا قرارا بمنع تجارة الرقيق رسميا، وهو القرار الذي أصدرته الأمم المتحدة في الثاني من الشهر ذاته لكن منذ 73 سنة، عام 1949، واعتبرته اليوم العالمي لإلغاء الرق.

الرحلة في تاريخ إبطال تجارة الرقيق في مصر طويلة، وتشهد عليها وثائق وحكايات يمكن اعتبارها حاليا من الأساطير، لكنها تكشف معاناة طويلة في سبيل الحرية.

“إنها ليست مجرد قصاصة ورق، إنها صك حرية إنسان، ومفتاح لفك قيود عبوديته”، بهذه الكلمات يصف هاوي الوثائق القديمة أحمد عبد الله نسخة من وثيقة تاريخية مصرية تحمل عنوان “تذكرة حرية”.

الوثيقة التي بدأت الدولة المصرية منحها للرقيق المعتوق منذ عام 1877، كانت تمنح صاحبها حريته كسائر الأحرار، وتؤكد أن للمعتوق ولاية نفسه كيفما يشاء، بلا قيد أو شرط.

آثار الزمن تبدو واضحة على الوثيقة، التي عرضها الهاوي المصري الشاب على مراسل الجزيرة نت، حيث يظهر تآكل بسيط بأحد أطرافها وتتناثر ثقوب صغيرة في أرجائها لا تؤثر على تماسكها، وكأنها تقاوم السنين لتبقى شاهدة على جزء من تاريخ مصر، وحياة أفراد عاشوا حياة الرق، وانتظروا طويلا حتى حصلوا على حريتهم.

“سعادة” حرة

لم توقف قرارات محمد علي تجارة الرقيق وقتها، ولكنها كانت بداية لمحاولات عدة (شكلية وجادة) استمرت لعقود لإنهاء هذه التجارة غير الإنسانية، ومهدت لحصول “سعادة” على حريتها.

“سعادة” هو اسم صاحبة الوثيقة، وربما صفتها أيضا يوم اعتقت وحصلت على حريتها، لتمتلك ناصية أمرها لأول مرة في سنوات عمرها البالغة 25 عاما.

لا تخبرنا الوثيقة -الصادرة عن قلم عتق الرقيق بالإسكندرية- بكثير عن حياة “سعادة”، ولكنها تصف لنا هيئتها فهي “مربوعة القامة، متوسطة الجسم، سوداء اللون والعين، مفتوحة الحاجبين، مبطونة الأنف، غليظة الشفتين، على خديها علامات تشريط غليظة”، والأهم أنها أصبحت حرة.

“سعادة” التي كانت مملوكة لرجل يدعى سليمان هي سودانية الأصل، كعشرات الآلاف من بني جلدتها الذين كان يجلبهم تجار الرقيق من السودان، الذي كان يمثل أكبر مستودعات الرقيق في أفريقيا، وكانت حملات صيد الرقيق على أشدها هناك، خاصة في القرن الـ19.

الرقيق في مصر

تشير الدراسات التاريخية إلى أن مصر في ذلك الوقت كان بها نوعان من الرقيق، هما الرقيق الأبيض الذي كان يجلب من بلاد الجراكسة والقوقاز، إلى جانب أعداد كبيرة جلبها إبراهيم باشا بعد حملته على المورة في اليونان عام 1823.

أما النوع الثاني، فهو الرقيق الأسود، وكان يجلب إلى مصر من 3 مناطق رئيسية، أولها المنطقة الواقعة إلى جنوب وغرب دارفور، والثانية منطقة “سنار” القريبة من حدود الحبشة، والثالثة منطقة كردفان.

وكانت تجارة الرقيق تجارة منظمة لها دلالون يُسمح لهم بأخذ سمسرة، وكان الرقيق يباعون في أسواق معروفة مثل وكالة النحاسين بالقاهرة، بينما كانت أسيوط (جنوبا) من أكبر أسواق تجارة الرقيق في مصر، وكانت تأتي إليها قوافل الرقيق من دارفور وسنار لتغذية أسواق مصر وسوريا وتركيا.

YouTube
YouTube