فِدَاءٌ لمثواكَ من مَضْجَعِ | | تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ |
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ | | رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْوَعِ |
وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ “الطُّفوف” | | وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْـرَعِ |
وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس | | على نَهْجِكَ النَّيِّرِ المَهْيَعِ |
وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال | | بما أنتَ تأباهُ مِنْ مُبْدَعِ |
فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ | | فَذَّاً، إلى الآنَ لم يُشْفَعِ |
ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ | | للاهينَ عن غَدِهِمْ قُنَّعِ |
تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ | | وبُورِكَ قبرُكَ من مَفْزَعِ |
تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ | | على جانبيه ومن رُكَّعِ |
شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ | | نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ |
وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ | | خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضـْرَعِ |
وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ | | جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ |
وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ | | بِروحي إلى عَالَمٍ أرْفَعِ |
وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ | | بصومعةِ المُلْهَمِ المُبْدِعِ |
كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضّـَرِيحِ | | حمراءَ “مَبْتُورَةَ الإصْبَعِ” |
تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنُوعِ | | وَالضَّيْمِ ذي شَرَقٍ مُتْرَعِ |
تَخَبَّطَ في غابةٍ أطْبَقَتْ | | على مُذْئِبٍ منه أو مُسْبِعِ |
لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيبَ الضَّمِيرِ | | بآخَرَ مُعْشَوْشِبٍ مُمْرِعِ |
وتدفعَ هذي النفوسَ الصغارَ | | خوفاً إلى حَرَمٍ أَمْنَعِ |
تعاليتَ من صاعِقٍ يلتظي | | فَإنْ تَدْجُ داجِيَةٌ يَلْمَعِ |
تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ | | لم تُنْءِ ضَيْراً ولم تَنْفَعِ |
ولم تَبْذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ | | وقد حَرَّقَتْهُ ولم تَزْرَعِ |
ولم تُخْلِ أبراجَها في السماء | | ولم تأتِ أرضاً ولم تُدْقِعِ |
ولم تَقْطَعِ الشَّـرَّ من جِذْمِهِ | | وغِلَّ الضمائرِ لم تَنْزعِ |
ولم تَصْدِمِ الناسَ فيما هُمُ | | عليهِ مِنَ الخُلُقِ الأوْضَعِ |
تعاليتَ من “فَلَكٍ” قُطْرُهُ | | يَدُورُ على المِحْوَرِ الأوْسَعِ |
فيابنَ البتولِ وحَسْبِي بِهَا | | ضَمَاناً على كُلِّ ما أَدَّعِي |
ويابنَ التي لم يَضَعْ مِثْلُها | | كمِثْلِكِ حَمْلاً ولم تُرْضِعِ |
ويابنَ البَطِينِ بلا بِطْنَةٍ | | ويابنَ الفتى الحاسرِ الأنْزَعِ |
ويا غُصْنَ “هاشِمَ” لم يَنْفَتِحْ | | بأزْهَرَ منكَ ولم يُفْرِعِ |
ويا واصِلاً من نشيدِ الخُلود | | خِتَامَ القصيدةِ بالمَطْلَعِ |
يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ | | مِنْ مُسْتَقِيمٍ ومن أظْلَعِ |
وأنتَ تُسَيِّرُ رَكْبَ الخلودِ | | ما تَسْتَجِدُّ لهُ يَتْبَعِ |
تَمَثَّلْتُ يومَكَ في خاطرِي | | ورَدَّدْتُ صوتَكَ في مَسْمَعِي |
وَمَحَّصْتُ أمْرَكَ لم أرْتَهِبْ | | بِنَقْلِ “الرُّوَاةِ” ولم أُخْدَعِ |
وقُلْتُ: لعلَّ دَوِيَّ السنين | | بأصداءِ حادثِكَ المُفْجِعِ |
وَمَا رَتَّلَ المُخْلِصُونَ الدُّعَاةُ | | من “مُرْسِلِينَ” ومنْ “سُجَّعِ” |
ومِنْ “ناثراتٍ” عليكَ المساءَ | | والصُّبْحَ بالشَّعْرِ والأدْمُعِ |
لعلَّ السياسةَ فيما جَنَتْ | | على لاصِقٍ بِكَ أو مُدَّعِي |
وتشـريدَهَا كُلَّ مَنْ يَدَّلِي | | بِحَبْلٍ لأهْلِيكَ أو مَقْطَعِ |
لعلَّ لِذاكَ و”كَوْنِ” الشَّجِيّ | | وَلُوعَاً بكُلِّ شَجٍ مُوْلعِ |
يداً في اصطباغِ حديثِ الحُسَيْن | | بلونٍ أُرِيدَ لَهُ مُمْتِعِ |
وكانتْ وَلَمّا تَزَلْ بَرْزَةً | | يدُ الواثِقِ المُلْجَأ الألمعي |
صَناعَاً متى ما تُرِدْ خُطَّةً | | وكيفَ ومهما تُرِدْ تَصْنَعِ |
ولما أَزَحْتُ طِلاءَ القُرُونِ | | وسِتْرَ الخِدَاعِ عَنِ المخْدَعِ |
أريدُ “الحقيقةَ” في ذاتِهَا | | بغيرِ الطبيعةِ لم تُطْبَعِ |
وجَدْتُكَ في صورةٍ لم أُرَعْ | | بِأَعْظَمَ منها ولا أرْوَعِ |
وماذا! أأرْوَعُ مِنْ أنْ يَكُون | | لَحْمُكَ وَقْفَاً على المِبْضَعِ |
وأنْ تَتَّقِي دونَ ما تَرْتَئِي | | ضميرَكَ بالأُسَّلِ الشُّـرَّعِ |
وأن تُطْعِمَ الموتَ خيرَ البنينَ | | مِنَ “الأَكْهَلِينَ” إلى الرُّضَّعِ |
وخيرَ بني “الأمِّ” مِن هاشِمٍ | | وخيرَ بني “الأب” مِنْ تُبَّعِ |
وخيرَ الصِّحابِ بخيرِ الصُّدُورِ | | كَانُوا وِقَاءَكُ، والأذْرَعِ |
وقَدَّسْتُ ذِكراكَ لم انتحِلْ | | ثِيَابَ التُّقَاةِ ولم أَدَّعِ |
تَقَحَّمْتَ صَدْرِي ورَيْبُ الشُّكُوكِ | | يِضِجُّ بِجُدْرَانِهِ الأَرْبَعِ |
وَرَانَ سَحَابٌ صَفِيقُ الحِجَاب | | عَلَيَّ مِنَ القَلَقِ المُفْزِعِ |
وَهَبَّتْ رِياحٌ من الطَّيِّبَاتِ | | و”الطَّيِّبِينَ” ولم يُقْشَعِ |
إذا ما تَزَحْزَحَ عَنْ مَوْضِعٍ | | تَأَبَّى وعادَ إلى مَوْضِعِ |
وجَازَ بِيَ الشَّكُّ فيما مَعَ | | “الجدودِ” إلى الشَّكِّ فيما معي |
إلى أن أَقَمْتُ عَلَيْهِ الدَّلِيلَ | | مِنْ “مبدأٍ” بِدَمٍ مُشْبَعِ |
فأسْلَمَ طَوْعَا ً إليكَ القِيَادَ | | وَأَعْطَاكَ إذْعَانَةَ المُهْطِعِ |
فَنَوَّرْتَ ما اظْلَمَّ مِنْ فِكْرَتِي | | وقَوَّمْتَ ما اعْوَجَّ من أضْلُعِي |
وآمَنْتُ إيمانَ مَنْ لا يَرَى | | سِوَى العَقْل في الشَّكِّ مِنْ مَرْجَعِ |
بأنَّ (الإباءَ) ووحيَ السَّمَاءِ | | وفَيْضَ النُّبُوَّةِ، مِنْ مَنْبَعِ |
تَجَمَّعُ في (جوهرٍ) خالِصٍ | | تَنَزَّهَ عن (عَرَضِ) المَطْمَعِ |
نحن معكم على مدار الوقت
العثور على إنجيل يحوي نبوءة عيسى بالنبي محمد
زيارة وارث مكتوبة.. زيارة أبي عبدالله الحسين (ع)
نهضة الحسين ع مواقف وقِيَم