بعد أن أوشكت مفاوضات فيينا النووية في الشهرين الأوليين من العام الجاري على التتويج بالإعلان عن إنقاذ الاتفاق النووي، تعثرت في مارس/آذار الماضي نتيجة مطالب روسية بالحصول على ضمانات مكتوبة لمواصلة تعاونها مع إيران، مما أعاد التصعيد للملف الساخن أصلا.
ومع تواتر الحديث الغربي والإسرائيلي بشأن اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية خلال الأعوام الماضية، وتضاؤل الفرص بالعودة للاتفاق النووي، ازدادت حدة التصعيد الغربي ضد إيران، إذ لم يعد نفي طهران المتكرر مجديا في إقناع الرأي العام وتبديد مخاوفه بشأن عدم توجهها لصناعة قنبلة ذرية.
وعلى ضوء عودة الملف النووي إلى الواجهة من جديد عقب إصدار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ضد طهران، انقسم المراقبون في إيران بشأن إمكانية تحوّل بلادهم إلى قوة نووية.
وأصدرت الوكالة مؤخرا تقريرا رأت فيه أن طهران لم تقدم إيضاحات كافية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في 3 مواقع غير مصرّح عنها سابقا. وهو ما رفضته إيران وعدته “قرارا سياسيا وغير بنّاء”.
القنبلة النووية وتعزيز مصادر القوة
يرى مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، محمد صالح صدقيان، أن الأوساط السياسية في إيران لم تتفق يوما حيال التعاطي مع الدول الغربية بشأن الملف النووي، موضحا أنه خلافا لما كان يعتقده الرئيس السابق حسن روحاني بشأن ضرورة حلحلة القضايا الشائكة على المستويين الإقليمي والدولي، فإن هناك من يعتقد في طهران بضرورة تعزيز مصادر القوة.
وأوضح صدقيان، للجزيرة نت، أن رؤية التيار المتشدد في إيران تستند إلى مصادر القوة في التعاطي مع الغرب، وترفض أي تنازل من أجل حلحلة القضايا الشائكة معه، مضيفا أن التيار المحافظ يعتقد أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا تقبل بأقل من تفكيك البرنامجين النووي والصاروخي لضمان أمن إسرائيل.
وشدد المحلل على أن صقور التيار المحافظ في إيران يحثّون على ضرورة توظيف البرنامج النووي كونه عاملا مؤثرا في “منظومة الردع الإيرانية”، وهذا ما يفسر رغبتهم في التوصل إلى سلاح نووي لضمان أمن البلاد وتحصينها أمام التهديدات الخارجية.
وتعتقد هذه الشريحة أن الوصول إلى القنبلة النووية من شأنه تكريس “معادلة الرعب مع الكيان الإسرائيلي”، وفق صدقيان، وأن البقاء في الاتفاق النووي ومعاهدة منع الانتشار النووي لا يضمن المصالح الوطنية.
وعلى وقع التهديدات الإسرائيلية المتواصلة لطهران، خلص مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية إلى أن “أمن الكيان الإسرائيلي هو جوهر الصراع بين طهران وواشنطن، وأن معارضة قادة الاحتلال للمفاوضات الرامية لإنقاذ الاتفاق النووي تكشف عن السبب الرئيس وراء فشلها في فيينا”.
وقال إن التصعيد المتواصل ضد إيران قد يدفع بالتيار المتشدد فيها إلى العمل للتحول إلى قدرة نووية، وهذا الأمر لم يكن بالحسبان في الوقت الراهن.
القدرة التقنية على التسلح النووي
وعما إذا كانت طهران قادرة على إنتاج قنبلة نووية، جاء الرد صريحا بالإيجاب على لسان أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران والباحث في الملف النووي الإيراني، محسن جليلوند.
ويرى الباحث والأكاديمي أن المخزون الإيراني من اليورانيوم عالي التخصيب يؤهل طهران لتطوير قنبلة نووية، وذلك برفع نسبة التخصيب من 60% إلى 90%.
ووفقا للتقرير الفصلي الأخير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% تجاوز 43 كيلوغراما، في حين أن 42 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 90% كافية لإنتاج قنبلة ذرية، كما يقول جليلوند.
وأكد الباحث الإيراني إمكانية رفع نسبة اليورانيوم المخصب من 60% إلى 90% عبر الطاقات المتوفرة في إيران.
معوقات صناعة السلاح النووي
في المقابل، تستبعد شريحة من الإيرانيين إمكانية امتلاك بلادها القنبلة النووية، مؤكدة أنه فضلا عن فتوى المرجعية بحرمة إنتاج أسلحة الدمار الشامل، فإن حيازة القنبلة النووية تشكل تهديدا مباشرا على الأمن الوطني وقد تؤدي إلى سباق تسلح نووي لا يحمد عقباه.
وفي السياق، يرى الباحث السياسي والمدير العام لوكالة أنباء “نكاه نو”، مهدي عزيزي، أن “لا كلمة تعلو على فتوى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي التي تحرم صناعة القنبلة النووية”، مؤكدا أن تداعيات حيازة القنبلة النووية بالغة التكلفة على طهران ولا تؤمّن مصالحها الإستراتيجية.
وشبّه عزيزي -في حديثه للجزيرة نت- الوضع الأمني الإقليمي بـ”برميل بارود على وشك الانفجار”، مضيفا أنه بعد العجز الدولي في التصدي “للكيان الصهيوني” الذي يمتلك العشرات من الرؤوس النووية، على حد قوله، فإن تحوّل طهران إلى قوة نووية سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في المنطقة وهذا ما لا تريده طهران.
وأضاف أنه “لا مكان لأسلحة الدمار الشامل في عقيدة إيران العسكرية”، متهما واشنطن وتل أبيب بالعمل على فبركة دعاية بشأن اقتراب طهران من صناعة السلاح النووي، وذلك لحملها على تقديم تنازلات في المفاوضات الرامية لإنقاذ الاتفاق النووي.
وخلص عزيزي إلى أن إحياء الاتفاق النووي قادر على إبعاد شبح التصعيد عن المنطقة، لا سيما إذا رفعت العقوبات الأميركية عن إيران واستؤنف التعامل البناء بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
المصدر : الجزيرة
نحن معكم على مدار الوقت
سوريا – لبنان – فلسطين
عشرات القتلى من “ماجلان” في معارك مع حزب الله
جماهير باناثنايكوس اليوناني تفاجئ “مكابي” الإسرائيلي بأعلام فلسطين