نوفمبر 15, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

كيم فيلبي.. حكاية أخطر جاسوس في القرن العشرين

منذ أيام قليلة قررت موسكو رفع السرية عن أخطر جاسوس عمل لديها على مر التاريخ، حيث تم نشر عدد من الوثائق السرية حول نشاطه الاستخباراتي وكيف استطاع اختراق صفوف خصوم روسيا؟ , وقررت المخابرات الروسية نشر وثائق سرية عن حياة عميلها في معرض باسم ” كيم فيلبي في الاستخبارات والحياة” الذي تم افتتاحه في بيت الجمعية التاريخية الروسية في موسكو.
والجاسوس الذي تحتفي به روسيا هو “هارولد أدريان” المعروف باسم “رسل كيم فيلبي” المولود في أول يناير 1912 والمتوفى في 11 مايو 1988، ويعد أشهر جواسيس القرن العشرين، حيث كان مسئولا كبيرا في جهاز المخابرات البريطانية عن مكافحة نشاط المخابرات السوڤييتية ( KGB )،لكن السوڤييت نجحوا في تجنيده لحسابهم، رغم أنه كان مرشحا لتولي إدارة المخابرات البريطانية، وحين انكشف أمر جاسوسيته للسوڤييت عام 1963, كانت فضيحة مدوية في بريطانيا والغرب ،إلا أنه فلت من العقاب وهرب إلى روسيا وأمضى بها بقية حياته هناك.
ولد فيلبي في أمبالا بولاية هاريانا بالهند ، لوالده سانت جون فيلبي الذي كان ضابطا بالجيش البريطاني ،وبعد ذلك دبلوماسيا ومستكشفا ومستشرقا ،ووفقا للمعلومات فقد اعتنق والده الاسلام واتخذ لنفسه اسم الشيخ عبد الله، وكان قد لعب دورا محوريا في الثورة العربية وتأسيس شركة “أرامكو” ثم عمل مستشارا للملك عبد العزيز آل سعود عام 1967.
وكتب فيلبي مذكراته في كتاب شهير تحت اسم ” حربي الصامتة” وهو كتاب لا يزال تطبع منه آلاف النسخ، حيث كشف فيه تفاصيل عمله كجاسوس مزدوج لصالح المخابرات السوفيتية للمرة الأولى،وإلى جانب اعتباره أكثر الجواسيس نجاحا في العالم، قدم نفسه ككاتب متميز أرخ لقصة عظيمة تعد أيقونة لسنوات الحرب الباردة.
واستطاع أن يحدث ثورة بالفعل في عالم كتب الجاسوسية ،ونظرا للنجاح العظيم تم طباعة الكتاب عدة مرات بعد نحو 12 عاما من صدوره للمرة الأولى ،وكان من أبرز ما جاء فيه تفاصيل قصة هروبه إلى موسكو عام 1963 , التي عاش فيها حتى مماته عام 1988 ، كما شرح خلال الكتاب لماذا ظل مخلصا للشيوعية ، حتى بعد أن تم كشف جرايم الزعيم الراحل ستالين؟.
ووفقا لمن يعرفه فإن “فيلبي” كان يتسم بأنه عبثي متعجرف وتهكمي ومليء بالثقة بالنفس، وأيضا جاسوس ذكي تمكن بكل مهارة من التفوق على كل وكالات التجسس البريطانية التي عمل معها ، كما أنه كان ماركسيا مخلصا, فضل النظام السوفيتي بكل مساوئه على النظم الغربية الديمقراطية وضحى في سبيل الناركسية بكل شيء بما في ذلك جنسيته وسمعته.
“فيلبي” مثل الكثير من الجواسيس في الاستخبارات البريطانية لم يكن عليه أن يبذل جهودا كبيرة لينجح في عمله، فقد ولد في الهند لأسرة تنتمي للطبقة العليا وكان والده ضابطا مدنيا ذا رتبة عالية، وعقب تخرجه من إحدى مدارس الأرستقراطيين عام 1928 التحق بجامعة كامبردج وتخرج منها عام 1933 من كلية “ترنتي” التي كانت أول بناء في عمله كجاسوس سوفييتي مزدوج، وفيها قابل شباب مثله أصبحوا فيما بعد جواسيس سريين لموسكو مثل انطوني بلانت وجاي بورجيس ودونالد ماكلين وآخرين ، حيث أقسموا في وقت مبكر على الولاء للشيوعية وجندوا كجواسيس للمخابرات السوفيتية وإن كان فيلبي الذي عرف بشدة حذره لم ينضم أبدا للحزب الشيوعي، واستغل الأموال التي كان والده يمده بها وأخذ عطلاته الصيفية في فرنسا والنمسا وألمانيا حيث قال لوالده , إنه سيدرس الظروف السياسية في البلاد التي قامت بثورات، وفي عام 1932 ذهب إلى ألمانيا ليشهد الانقلاب المفاجئ الناتج عن انتخاب فرانز فون بابن كمستشار لألمانيا ، وكما يذكر فيلبي في مذكراته فقد حرص على دراسة الوضع السياسي هناك حيث شارك في حروب شوارع دارت في ألمانيا وانضم إلى الشيوعيين في صراعهم ضد أصحاب القمصان البنية (النازيين) وعاد إلى كليته بجرح غائر في رأسه ادعى انه نتج عن عاصفة أسقطته على قضيب معدني، وبعد ذلك عاد مرة أخرى إلى ألمانيا حتى صادق مروج الدعاية والناشر الشيوعي ويلي مزنبرج الذي ساعده في إقامة مؤتمر السلام العالمي مع اللورد روبرت سيسيل الذي رأس المؤتمر.
وفي هذا الوقت ارتبط فيلبي وأصدقاؤه بشكل عميق بالشيوعية وجندهم الحزب الشيوعي على يد رؤسائه مثل روي باسكال وموريس دوب، ومن الواضح انهم كانوا مستعدين للتجسس على إنجلترا البلد الذي تخلوا سرا عنه في سنواتهم الأولى في الجامعة.
وعند تخرجه عمل “فليبي” في الصحافة وبحث عن وظيفة في صحف سياسية معتدلة وأخفى معتقداته الشيوعية، وعندما اندلعت الحرب الإسبانية حصل فيلبي على عمل كمراسل لصحيفة لندن وهي وكالة صحافة صغيرة لتغطية الحرب، ولكنه في الواقع كان قد أرسل إلى إسبانيا من قبل السوفييت للتجسس على الثوار ضد الجمهوريين، وفيلبي وصديقه بورجيس جندا نفسيهما مع البعثة الدراسية “الانجلو –ألمانية”، وحضرا حفلات عشاء رسمية، أقيمت بهدف جلب تمويل للجماعات النازية حيث كان “الصليب المعقوف” شارة الحزب النازي يظهر بوضوح على الموائد الطويلة، ولكن عضويتهما لهذه الجماعة كانت مخلصة للسوفييت ومبادئ الحزب.
كذلك كان انتماء فيلبى إلى عضوية جماعة البعثة “الانجلو- ألمانية” سببا في إبراز نفسه كصحفي ورحب به في مراكز قيادة فرانكو، وتحرك من مدينة إلى أخرى وهي تحتل من قبل فرانكو وكان ينقل المعلومات من القادة الثوار ويرسلها إلى القيادات الشيوعية وهي المعلومات التي كانت تظن موسكو أنها الأكثر أهمية حينها.
وعندما انهار الحزب الجمهوري عام 1939 استخدمت التايمز فيلبي كمراسل لألمانيا وكان في موقع ممتاز للتجسس على النازيين لحساب السوفييت، ثم عاد إلى إنجلترا واندلعت الحرب بين بريطانيا وألمانيا ولكنه أرسل إلى فرنسا وفي هذا الوقت أصبح مراسلا حربيا متمرسا وأظهر احتراما زائدا للقائد الأعلى البريطاني، وتمكن من معرفة الأسرار العسكرية الأكثر أهمية والتي كان يرسلها إلى موسكو.
وعندما سقطت فرنسا عاد إلى إنجلترا مرة أخرى وعلى الرغم من عضويته في البعثة “الانجلو- ألمانية” فإنه قرر الانضمام إلى خدمة الاستخبارات البريطانية السرية وتمكن ببراعة لا توصف من الانضمام إلى الاستخبارات السرية.
وفي مذكراته يذكر تفاصيل تلك الفترة قائلا: في صيف عام 1940 كانت المرة الأولى التي أقيم فيها اتصال بالخدمة السرية البريطانية ولكن الأمر كان قضية مثيرة بالنسبة لي لعدة سنوات في ألمانيا النازية وفيما بعد في إسبانيا حيث خدمت كمراسل لصحيفة التايمز مع قوات الجنرال فرانكو.

وفي جزء آخر كتب: “قررت أن أترك التايمز قبل أن تتركني لأن فكرة أن أظل اكتب ممجدا عظمة القوات البريطانية وروعة أخلاقيات جنودها للابد كانت فكرة ترعبني. “
وأضاف أن المنظمة التي ارتبطت بالعمل بها كانت تطلق على نفسها لقب خدمة الاستخبارات السرية أو كما كانت تعرف على نطاق واسع الـ MI5 بينما كانت للعامة الأبرياء هي فقط الخدمة السرية، وكانت سهولة دخولي قد أدهشتني وفيما بعد أدركت أن الاستعلام الوحيد الذي قامت به الـ MI5 عن ماضى كان مجرد الاطلاع على اسمي في سجلاتهم والانتهاء بنتيجة مقتضبة تقول: “لا يوجد له سجل إجرامي” ، لذلك فإن كل فضيحة تجنيد جاسوس جديد في الإجراءات البريطانية يمكن أن تعود إلى قصة تجنيدي الغريبة وشديدة السهولة.
وتمكن فيلبي أثناء عمله من أن يمنح المراقبين السوفييت كل جزء من المعلومات السرية التي تمكن من الحصول عليها, وكانت أخطر مهمة أوكلت إليه في الاستخبارات البريطانية هي وضع عملاء الـ MI5 في اتصال مباشر مع شبكة السوفييت التي كان يديرها ساندرو رادو في سويسرا مما نتج عنه أن حصلت الاستخبارات الروسية على معلومات قيمة حول القوات العسكرية الألمانية, في حين إن بورجيس من الناحية الأخرى كان قادرا على إمداد الـ MI5 التي عمل فيها من 1930 إلى 1941 بهوية تايلر كينت وهو كاتب سري في السفارة الأمريكية وآنا ولكوف التي أرسلت إلى موسكو المراسلات السرية بين الرئيس الأمريكي فرانكلن روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل إلى شبكة آبوير. وحصل بورجيس مثل فيلبي على معلوماته من الجواسيس السوفييت.
ودخل فيلبي فيما بعد شبكة تنفيذ العمليات السرية الخاصة أو الـ SOE التي كانت شبكة تجسس بريطانية تعمل بالتعاون مع الحركات السرية المقاومة في الدول التي وقعت تحت احتلال النازي. وفي البداية ظن فيلبي ومدير الاستخبارات السوفييتي المسئول عنه أن هذه سوف تكون فرصة رائعة للحصول على معلومات حول حركات المقاومة السرية التي يمكن أن يتم تجنيد جواسيس سوفييت منها في المستقبل.
ومع نهاية الحرب أصبحت إنجلترا والولايات المتحدة اقل ثقة في حليفهما السوفييتي وأدركا أن جوزيف ستالين لديه خطط ما بعد الحرب تتضمن الاستيلاء والسيطرة على دول وسط أوروبا أثناء تحررها من الألمان. وأراد تشرشل أن تتم مراقبة السوفيت عن قرب، وكما يذكر فيلبي فقد اقترح إنشاء مكتب مقاومة للشيوعية داخل الاستخبارات البريطانية في حين أدرك المشرف عليه أن فيلبي كان على صلة بضباط سوفيت ذوي رتب عليا في إنجلترا ودول أخرى وبهذا تمت الموافقة على خطة فيلبي التي أبهجت المشرف عليه السوفييتي اناتولي ليبيديف الذي استبدل ببوريس كورتوف مدير الاستخبارات المسئول عن عمليات فيلبي التجسسية لصالح الـ KGB والذي أشرف لفترة طويلة على عمليات فيلبي.
ووفقا لقول فيلبي عن القسم الجديد الذي أنشأه أنه أصبح القسم 5 حيث شعر برغبة عارمة في الاستهزاء بالـ MI5، وكان مكتبه مكونا من طابق واحد فوق مكتب خدمات العمليات السرية الأمريكية الذي ضم كل من ويليام دونوفان وألين دالس أشهر رجال الاستخبارات الأمريكية في الحرب العالمية الثانية واللذان كان يراهما باستمرار وهما يأتيان للمبني حتى أصبحا أصدقاء له وكانا كما يقول قد تمكن بسهولة من الحصول منهما على معلومات قيمة مكنته من التسلل إلى الخدمة التي أصبحت فيما بعد ال cia
. وكان أحد التقارير المفصلة التي حصل عليها فيلبي تتضمن خلفية كاملة عن جاسوس روسي اسمه بوريس كوروتوف , الذي كان يعمل في إنجلترا منذ سنوات وذكر فيلبي انه للأسف قد رحل مؤخرا إلى موسكو وكما يذكر فيلبي بروح مرحة فإنه كان يسجل مهنة التجسس للضابط السوفييتي الذي كان يشرف على بورجيس وماكلين وهو أيضا من بين آخرين. بالطبع فإن فيلبي لم يذكر مجموعته من العملاء السوفييت في تقريره عن كورتوف. وعلم أن أي شخص فيما بعد سوف يبحث عن التجسس السوفييتي في إنجلترا سوف يبدأ بتقريره الذي لم يذكر أبدا حلقة جواسيس كامبردج.
واستطرد فيلبي :” في عام 1949 أرسلت إلى واشنطن كسكرتير أول للسفير البريطاني وكان عملي ضابط ارتباط بين ال CIA وال MI6 وكنت قررت التوقف لفترة بعد هذه الحادثة عن العمل لمصلحة موسكو ولكن ال KGB تمكنت مرة أخرى من الاتصال بي عن طريق بورجيس الذي وصل إلى واشنطن بعدي بعام وعمل معي في نفس المكتب وسرعان ما قمنا مرة أخرى بإرسال الأسرار إلى موسكو ومنها بيانات غاية في السرية عن الأبحاث النووية التي يقوم بها حلف الناتو. وفي عام 1951 كان فيلبي أرهق تماما من العمل كعميل مزدوج وبدأ يرتكب الأخطاء الفادحة ويفشل في إرسال المعلومات المهمة إلى السوفييت بسبب إسرافه في الشراب وعلاقاته في حين أن بورجيس كان قد أصبح مدمن خمور وسرعان ما قام بالكثير من الأخطاء والسلوكيات التي أغضبت بريطانيا، فأعيد إلى لندن.
وقتها سمع فيلبي من بلانت أن ال MI5 كانت اشتبهت منذ فترة في دونالد ماكلين وأنها كانت على وشك اعتقاله مع بورجيس وقد قام فيلبي بإبلاغ بورجيس. وفي تطور مفاجئ للأحداث هرب كل من بورجيس وماكلين فجأة إلى موسكو وكانت فضيحة هزت مؤسسة التجسس الغربية. ولكنهما لم يكتفيا بهذا بل عقدا مؤتمرا صحفيا في موسكو في 12 فبراير 1956 انتقدا فيه الدول الغربية الفاسدة والقمعية وأعلنا أنهما قد يئسا من تحسن الأمور ولهذا قررا أن يتركا بلديهما.
وظل فيلبي لفترة آمنا ولكن بعد تجنيد الجاسوس التركي أحمدوف آغا لمصلحة ال CIA قدم ملف كيم فيلبي وساق الأدلة على كونه جاسوسا مخلصا لروسيا, وعندما عاد فيلبي إلى إنجلترا واجهته ال MI5 بالمعلومات. وقرر في النهاية أن يخضع لاستجواب طويل ودقيق اضطر فيه إلى إنكار أي اتصالات له مع السوفييت. وقال انه تم التشكيك به فقط لأنه كان زميل كل من بورجيس وماكلين في الجامعة ولكنه بريء تماما من هذه التهمة. وبعد التحقيق تقدم فيلبي بالاستقالة من مكتب الخارجية وأجر شقة في لندن وعمل في بيع العقارات وأعمال تجارية أخرى معظمها في أوروبا ولكن السلطات البريطانية ظلت متشككة منه. في حين دافع آخرون عنه بشكل متحمس ومنهم رئيس الوزراء البريطاني وقتها هالود مكملين الذي قال رسميا إنه مواطن بريطاني صالح خدم بلده ببطولة. وأدى هذا إلى قيام ال MI6 بإعادته إلى العمل مرة أخرى.
ويفسر فيلبي الأمر بأن المجتمعات الاستخبارية البريطانية أخفت هويته حتى لا تكشف عن مدى سذاجة أعضائها الذين تم خداعهم من قبل عميل سوفييتي مزدوج قاموا هم أنفسهم بتنشئته وترقيته والتودد إليه.
لكن الشك في فيلبي تكرر مرة أخرى في 12 سبتمبر 1962 عندما تم القبض على جاسوس سوفييتي آخر هو اناتولي جوليستن الذي ابلغ عن كيم فيلبي, وفي 23 يناير 1963 ترك فيلبي أسرته وهرب إلى الاتحاد السوفييتي في حين انتظرته زوجته في حفل عشاء وسار عبر مرفأ في ميناء بيروت ومن هناك استقل سفينة إلى الميناء الروسي أوديسا. وعاش فيلبي لعدة شهور في فولجا على بعد آلاف الأميال من موسكو وعندما وصل موسكو كان بورجيس توفي إثر أزمة قلبية في سن 52 عاما وكانت وفاته بسبب الإفراط في الشراب.
وتمكن فيلبي من أن يكون النموذج المثالي للجاسوس الشيوعي وقد منحه السوفييت مكتبا في مراكز قيادة المخابرات كما حصل على لقب جنرال, ومنح وسام “لينين” الذي كان يظهره بكل فخر لأصدقائه البريطانيين الذين كانوا يزورون موسكو, وظل حتى النهاية يسخر من بلده الأم إنجلترا ولم يعتبر نفسه أبدا خائنا لبلده حيث كان يكتب: “حتى تخون يجب أن تكون منتميا أولا وأنا لم أنتم أبدا لهذا النظام المنافق”.
في مايو 1988 توفي فيلبي وكان قد قال في نهاية مذكراته:”إنه يريد أن يدفن في الاتحاد السوفييتي في هذا البلد الذي اعتبرته بلدي منذ الثلاثينات وعند وفاته نال التكريم من البلد الذي أخلص له ولكن لم يذكره أحد في وطنه الأم”.

YouTube
YouTube