نوفمبر 14, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

يوري بونداريف.. رحيل صاحب “الطلقات الأخيرة”

ينتمي الكاتب الروسي يوري بونداريف (1924 – 2020) الذي رحل منذ أيام في موسكو، إلى مجموعة من الكتّاب الذين شاركوا في القتال خلال الحرب العالمية الثانية، ما أكسبهم مكانة خاصة في الاتحاد السوفييتي وجرأة في طرح آرائهم التي انتقدوا من خلالها الكثير من السياسات الرسمية.

كرّست مشاركته في الحرب حضوره الأدبي أيضاً من خلال روايته “الثلج الحار” (1969) التي تناول فيها تفاصيل غير منشورة عن معركة ستالينغراد التي خاضها إلى جانب جيش بلاده، واستمرت ستّة أشهر لتنتهي في شباط/ فبراير 1943، وتشكّل محطّة فاصلة أدت إلى هزيمة الجيش الألماني في أوروبا بأكملها.

العمل الذي اعتُبر علامة بارزة في رواية الحرب داخل روسيا وفي العالم أيضاً، مثّل تياراً جديداً في الكتابة على الصعيد الفني بمزجها بين اليوميات والسرد، وخلوّها من الأسطرة والأدلجة التي طغت على معظم الأدب الروسي الذي تناول الحرب، وقد ترجمها إلى العربية الروائي العراقي غائب طعمة فرمان.

” خلت روايته من الأدلجة التي طغت على الأدب الروسي الذي تناول الحرب”

وكان بونداريف الذي وُلد في مدينة أورسك، قد التحق بـ”معهد موسكو” ودرَس الأدب بعد انتهاء خدمته العسكرية، وأصدر مجموعته القصصية الأولى عام 1953 بعنوان “على ضفة النهر الكبير”، وتلتها رواية “كتائب تطلق النار” التي نُشرت على حلقات في الصحافة عام 1957 وصدرت في وقت متأخر.

لم تأت رواياته اللاحقة بمستوى ما قدّمه في “الثلج الحار”، لكنه واصل الكتابة عن حياته كجندي مثلما فعل في روايته “الطلقات الأخيرة” (1961) التي تناول فيها قصة قائد مدفعية توكل إليه مهمة سدّ ممرّ أمام القوات الألمانية المنسحبة على الحدود ما بين التشيك وبولندا، وهناك تدور معارك طاحنة الكلّ فيها يخاف الموت، والكلّ يضعف وينكسر، ويصيبه الحماس والاندفاع أحياناً.

تتوالى إصدارات بونداريف في الرواية، ومنها: “صمت” (1962)، و”اثنان” (1963)، و”الاختيار” (1981)، و”اللعبة” (1985)، و”إغواء” (1992)، و”مثلث برمودا” (1999)، و”بدون رحمة” (2004)، إلى جانب عدّة مجموعات قصصية منها “في وقت متأخر من المساء” (1962)، و”البحث عن الحقيقة” (1976)، و”لحظات” (1977)، إلى جانب كتابته سيناريو فيلم “ملحمة التحرير الوطنية” (1970).

رواياته في السبعينيات وما بعدها جاءت بمثابة تأمّل في مصير الاتحاد السوفييتي وروسيا، وحملت العديد من الإشارات حول التدهور الذي سيقود إلى الانهيار، ومعنى الحياة والموت بالنسبة إلى كاتب كان في لحظة ما جندياً، وغيرها من المسائل التي يتداخل فيها التاريخ الشخصي مع العام.

كان من أشدّ المناهضين للإصلاحات السياسية (البريسترويكا) التي طرحها الرئيس السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، حيث شارك في “مؤتمر الحزب الشيوعي” عام 1988 وقال إن البريسترويكا تشبه طائرة تحوم في الجو ولا تعلم إلى أية منصّة هبوط عليها أن تتجه، ما عدّها البعض نبوءة تحقّقت بعد أقلّ من ثلاثة أعوام.

واصل بونداريف معارضته لسياسات روسيا الجديدة بعد تفكّك الشيوعية، معترضاً على انقلاب السياسيين على كلّ القيم السابقة وعدم إيمانهم بالحرية إلا في سياق احتقار المرحلة السوفييتية، حيث رفض قبول “وسام صداقة الشعوب” بمناسبة عيد ميلاده السبعين من رئيس البلاد السابق بوريس يلتسين.

YouTube
YouTube