أكتوبر 21, 2024

رساله الحريه والكرامه والعداله في زمن العبوديه

من هو قراقوش صاحب الأحكام الغريبة.. وهل كان ظالماً؟

كثيرا ما نسمع المثل القائل #حكم_قراقوش الذي يضرب للتدليل على جور الحكم وجبروت القاضي أو الحاكم، ولهذا يحتج الشخص الذي يحس بأنه قد ظلم في أمر ما، بتشبيه مصيره بـ “حكم قراقوش”.

كما يقال لكل شخص صاحب جاه وسلطة، يمارس غروره على الآخرين والبغي، على أنه شبيه ” #قراقوش “.

فمن هو قراقوش؟ وهل هو شخصية حقيقية أم مختلقة؟

وهل قصته فعلًا مرتبطة بالظلم أم أنها ككثير من القصص، بها بعض التدليس والتحويرات التاريخية التي يقوم المجتمع عبر العصور بإنتاجها؟

حقيقة قراقوش

تشير المصادر التراثية إلى أن قراقوش شخصية حقيقية، وقد كان أحد وزراء #صلاح_الدين_الأيوبي في #مصر، بل إنه ركن من أركان توطيد حكمه، واسمه بهاء الدين قراقوش.

وفي البدء كان هذا الشخص غلامًا مملوكيًا، يقال إنه من أصل تركي دون تحديد واضح لهويته، وقد تدرج بجده واجتهاده إلى أن صار قائدًا عسكريًا في بلاد الشام ومن ثم في مصر التي وصلها مع بزوغ فجر الأيوبيين وحكم صلاح الدين.

وقد اعتمد عليه صلاح الدين الأيوبي، بالإضافة إلى اثنين آخرين هما الفقيه عيسى الهكاري والقاضي الفاضل، وعمل ثلاثتهم على تثبيت دعائم الدولة وإنهاء الفوضى التي عمّت مصر بعد وفاة الخليفة العاضد، حيث حاول بعد رجاله الدخول في صدام مع صلاح الدين بأمل أن تبقى مصر تحت راية الفاطميين.

وينسب إلى قراقوش أنه قام بدور تاريخي في إنهاء سطوة أسرة العاضد حيث سجنهم وعزل نساءهم عن رجالهم، وفرّق عنهم مواليهم، وسيطر على ثرورة القصر الفاطمي التي كانت كبيرة جدًا.

النسر الأسود

تذهب بعض الروايات إلى أن قراقوش، ومعناها النسر الأسود، بالتركية، كان قد خدم صلاح الدين في البداية إلى أن وثق فيه الرجل، ومرات يقال إنه خدم عم صلاح الدين، وفي كل الأحوال فهو قد استطاع أن يصل إلى مكانة مرموقة في عصره.

وينسب له أنه بنى السور المحيط بالقاهرة وقلعة الجبل، وقناطر الجيزة، وقد كان نائبًا لصلاح الدين في شؤون الحكم بالديار المصرية وفي تدبير الأحوال، ويقال إنه كان حسن المقاصد إلا أنه شديد الحكم ويأتي حكمه بطريقة غير تقليدية.

وقضى قراقوش قرابة ثلاثين سنة يخدم صلاح الدين وابنيه، لترتبط صورته لدى العامة بالأحكام الغريبة والمدهشة، التي تصوره تارة ذكيًا ومرة غبيًا، وقد تم تناقل الكثير من تراثه في القضاء والحكم إلى اليوم لما فيه من نوادر وطرائف.

ابن مماتي والفاشوش

حصل بهاء الدين قراقوش على لقب الأمير، ونال ثقة الحكام في مصر والشام، ومدّ جسره إلى الآثار الباقية حيث أنشأ القلعة والسور بالقاهرة، رغم ذلك لم يسلم من الادعاء حوله.

فالمؤخر المصري ابن مماتي، الذي عاصر صلاح الدين الأيوبي كتب فيه كتابًا أسماه ” الفاشوش في حكم قراقوش”.

وتشير كلمة “فاشوش” إلى الأحكام الفاشلة أو الوهمية، وقد ورد في لسان العرب “فاشوش: ضعيف الرأي والعزم”، ويقال في الدارجة “فشوش” للشيء والكلام والفعل الفارغ الذي لا مضمون له.

من أحكام قراقوش

1 – شكا رجل إلى قراقوش تاجرًا أكل عليه أمواله، فاستدعى قراقوش التاجر وسأله عن السبب فقال التاجر: “ماذا أفعل له أيها الأمير؟ كلما وفرت له الأموال لأسدد له دينه بحثت عنه فلم أجده”. وفكّر قراقوش كعادته ثم حكم بأن يسجن الرجل صاحب الدين حتى يعرف المدين مكانه، حين يريد تسديد الدين له، فهرب الرجل قائلا: “أجري على الله”.

2 – قالوا لقراقوش إن طائر “الباز” المفضل لديه قد هرب من القفص وطار، فأمر قراقوش بغلق كل أبواب القاهرة حتى لا يستطيع الفرار.

3 – جاء فلاح يشكو جنديًا إلى الأمير قراقوش، كان الفلاح يركب سفينة ومعه زوجته الحامل في سبعة أشهر، فوكزها الجندي فأجهضها. وقد فكّر قراقوش – كعادته – ثم نطق بالحكم، حيث حكم بأن يأخذ الجندي زوجة الفلاح عنده لينفق عليها ويوفر لها البيت والمأكل طيلة سبعة أشهر، وهو ما أسعد الفلاح قبل أن ينطق قراقوش بباقي الحكم بأن على الجندي كذلك أن يعيد الزوجة وهي حبلى في السابع، وهنا هرب الفلاح بزوجته.
الصورة المتعددة

ينسب أن قراقوش وراء إعدام العالم الشهير شهاب الدين السهروردي في عهد صلاح الدين، صاحب العديد من المؤلفات المشهورة مثل “حكمة الإِشراق”، “هياكل النور”، “لغة النمل”، وغيرها، وكان في السادسة والثلاثين من عمره عندما حكم عليه في عصر الأيوبيين.

وبين صورة الغباء والذكاء، وحيث يصفه البعض بالديكتاتور، ويصفه آخرون بالعادل غير المألوف في حكمه، فإن صورة قراقوش إلى اليوم تباعدت بين الحقيقة والوهم وصار أسطورة لحد ذاتها، يمكن أن تقرأ بأكثر من وجه.

YouTube
YouTube